الخميس، 24 نوفمبر 2011

هل أنتم من دولة "قمعستان"؟

لم يبق فيهم لا أبو بكر.. ولا عثمان
جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان
تساقط الفرسان عن سروجهم
وألغي الأذان
جميعهم.. تضخمت أثاؤهم وأصبحوا
نسوان
جميعهم قد ذبحوا خيولهم
وارتهنوا سيوفهم
وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان
ما كان يدعى ببلاد الشام يومًا
.. صار في الجغرافيا
يدعى "يهود ستان"
.. الله.. يا زمان
لم يبق في دفاتر التاريخ
لا سيف ولا حصان
جميعهم قد تركوا نعالهم
وهربوا أموالهم
وخلفوا وراءهم أطفالهم
وانسحبوا إلى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخنثوا
.. تكحلوا
.. تعطروا
تمايلوا أغصان خيزران
حتى تظن خالدًا.. سوزان
ومريمًا.. مروان
.. الله.. يا زمان
...
جميعهم قد دخلوا جحورهم
واستمتعوا بالمسك والنساء والريحان
جميعهم مدجن, مروض, منافق, مزدوج..
جبان
هل ممكن أ يعقد الإنسان صلحًا دائمًا مع
الهوان؟
.. الله.. يازمان
هل تعرفون من أنا؟
مواطن يسكن في دولة "قمعستان"
وهذه الدولة ليست نكتة مصرية
أو صورة منقولة عن كتب البديع والبيان
فأرض "قمعستان" جاء ذكرها
في معجم البلدان
وإن من أهم صادراتها
حقائبًا جلدية
مصنوعة من جسد الإنسان
.. الله.. يا زمان
...
هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض
"قمعستان"
تلك التي تمتد من شمال أفريقيا
إلى بلاد نفطستان
تلك التي تمتد من شواطئ القهر إلى
شواطئ القتل
إلى شواطئ السحل, إلى شواطئ الأحزان
وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان
ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب
بالوراثة
ويكرهون الورق الأبيض, والمداد, والأقلام
بالوراثة
وأول البنود في دستورها:
يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الإنسان
.. الله.. يا زمان
...
هل تعرفون من أنا؟
مواطن يسكن في دولة "قمعستان"
.. مواطن
يحلم في يوم من الأيام أن يصبح في مرتبة
الحيوان
.. مواطن يخاف أن يجلس في المقهى
لكي لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان
مواطن أنا.. يخاف أن يقرب زوجته
قبيل أن تراقب المباحث المكان
مواطن أنا.. من شعب قمعستان
أخاف أن أدخل أي مسجد
كي لا يقال إني رجل يمارس الإيمان
كي لا يقال المخبر السري: إني كنت أتلو
سورة الرحمن.
المصدر: "جريدة الجهورية"

هل أنتم من دولة "قمعستان"؟


نزار قبانى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق